مدارس «التحدي» و

«الكاوتشوك» في الضفة تقاوم محاولات الاحتلال ضرب التعليم

  • «الكاوتشوك» في الضفة تقاوم محاولات الاحتلال ضرب التعليم

فلسطيني قبل 6 سنة

 

اعتقد سكان البيوت والمضارب المتناثرة في المنطقة الوعرة الممتدة عبر تلالٍ وجبال ووديان وسهول واسعة شمال الضفة الغربية، أن الموكب العسكري الإسرائيلي الكبير القادم في ساعة مبكرة من النهار، جزءٌ من عملية تدريب عسكري واسعة معتادة في هذه المنطقة، ليفاجأوا بعد قليل بأن الهدف ليس سوى مدرسة الأطفال.

 

وفي مشهد لا يألفه الفلسطينيون مهما تكرر، أحاطت القوات المدججة بالسلاح بالمدرسة القائمة في منطقة بزيق في ريف طوباس، وشرعت في تفكيك كرفانيْن أُضيفا إلى المبنى القديم الذي تبّرع به أحد أبناء البلدة (البروفيسور عدنان مجلي)، ليكون مدرسة تحمل اسم شقيقه مروان تخليداً لذكراه.

 

وقف التلامذة الذين بدأوا يتقاطرون من بيوت الصفيح والخيام المنتشرة في هذه المنطقة الواسعة يراقبون ما يجري بذهول. وبعدما أنهى الجيش تفكيك الكرفانيْن الصغيريْن وغادر، دخل الأطفال إلى مدرستهم الصغيرة وواصلوا يومهم الدراسي.

 

الحديث هو عن مدرسة تحمل اسم «مدرسة الشهيد مروان مجلي: تحدي 10»، وهي ليست سوى واحدة من 15 مدرسة تحمل أسماء متسلسلة، من «تحدي 1» إلى «تحدي 15»، أقامتها وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في المنطقة «ج» الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي في الضفة، بهدف توفير التعليم لأطفال التجمعات البدوية والريفية النائية، علماً أن السلطات الإسرائيلية تحظر إقامة أي نوع من المباني الأسمنتية في المنطقة «ج» التي تشكل 60 في المئة من الضفة، ما يُضطر سكانها إلى العيش في بيوت من الصفيح والخيام.

 

وفي محاولة للتحايل على قرار السلطات الإسرائيلية، تلجأ وزارة التربية والتعليم إلى إقامة مدارس من بيوت متنقلة غالباً ما يموّلها الاتحاد الأوروبي.

 

مثلاً، في قرية الخان الأحمر التي قررت السلطات الإسرائيلية هدمها وإزالتها، لجأت وكالة التنمية الإيطالية إلى إقامة مدرسة من إطارات الـ «كاوتشوك» المستعملة التي ثُبتت بواسطة الطين، وسُقفت بألواح معدنية. هذه المدرسة تضم 200 تلميذ وتلميذة من 5 مضارب بدوية. وفي حال هدمها، سيُضطر التلامذة إلى الالتحاق بمدارس بعيدة، يحتاجون من أجل الوصول إليها إلى مواصلات خاصة، يصعب عليهم توفيرها.

 

أما مدرسة الشهيد مروان مجلي، فهي قصة أخرى. أُقيمت في بيت قديم للعائلة مقام منذ العهد العثماني، ولم تتمكن السلطات الإسرائيلية من إزالته لأنه قائم منذ ما قبل الاحتلال.

 

وقال مجلي إنه قرر ترميم البيت القديم والتبرع به ليكون مدرسة للتلامذة، بعدما زار المنطقة وشاهد العشرات من أبنائها وهم يضطرون للسفر يومياً مسافة 15 كيلومتراً عبر طرق وعرة، لا يمكن السيارات العادية السير فيها، من أجل الوصول إلى أقرب مدرسة.

 

وقال مجلي الذي ولد ونشأ في هذه المنطقة، وعندما كبر التحق بجامعات الغرب، وتوصّل إلى اختراعات مهمة في الأدوية والطب: «على رغم ارتباطي العاطفي الشديد بهذا البيت الذي شهد ولادة جدي ووالدي وأعمامي، قررت التبرع به وتحويله مدرسة لهؤلاء التلاميذ الذين أراهم امتداداً لي ولأطفالي». وأوضح أنه اشترى حصص الورثة، ورمم البيت وزرع حديقة حوله مساحتها أربعة دونمات، ليكون مدرسة مريحة قابلة للتوسع مستقبلاً.

 

وأقامت وزارة التربية والتعليم ستة صفوف مدرسية في المدرسة المؤلفة من ثلاث غرف فقط، كل صفين في غرفة. ولكن، عندما ألحقت الوزارة كرفانيْن صغيريْن بالمدرسة ليكونا غرفاً إدارية للمعلمين والمعلمات، سارعت قوات الاحتلال إلى إزالتهما.

 

ويرى مدير التربية والتعليم في محافظة طوباس سائد قبها، أن «الهدف من هدم الكرفانيْن إرسال رسالة إلينا مفادها أنه يُحظر علينا توسيع المدرسة... ولكن في كل الأحوال، سنواصل تعليم أطفالنا».

 

وتُوفر وزارة التربية والتعليم سيارة دفع رباعي لجمع التلامذة من البيوت المتناثرة، وإيصالهم إلى المدرسة، وإعادتهم إلى بيوتهم. كما توفر وسيلة النقل نفسها لنقل التلامذة الأكبر سناً إلى مدرسة قرية عقابا التي تبعد منها 15 كيلومتراً.

 

ويثير هدم المدارس أو منع إقامتها، الكثير من الأسئلة والاحتجاجات من ممثلي البعثات الأجنبية، خصوصاً الأوروبية، في فلسطين. وقال ديبلوماسي غربي: «واضح أن إسرائيل تسعى إلى تجفيف حياة الفلسطينيين في المنطقة ج تمهيداً لتحويلها إلى مناطق توسع استيطاني». وأضاف: «كل الدول والسلطات في العالم يعمل على إقامة المدارس وتوسيعها، إلا السلطات الإسرائيلية فإنها تهدم المدارس أو تمنع إقامتها».

 

وقال مجلي: «التعليم هو مصدر الحياة الأول للفلسطينيين، وعلينا توفيره لكل فلسطيني في أي بقعة من الوطن لأنه عنصر البقاء والصمود والتطور».

 

 

طوباس (الضفة الغربية) - محمد يونس

التعليقات على خبر: «الكاوتشوك» في الضفة تقاوم محاولات الاحتلال ضرب التعليم

حمل التطبيق الأن